وصف كتاب آخذك وأحملك بعيداً
يستقي "نيكولو أمانيتي" أحداث رواية "آخذك وأحملك بعيداً" من الحياة، من يومها الذي يتهدده البلى، ومن العيش المتكرر، وهنا لن تخطئ عينك ذلك الوصف الدقيق لإيطاليا، بمدنها وأريافها، بباراتها ومراقصها، ومقاهيها، ومدارسها، في مشاهد متمهلة، مكتوبة بعناية، تشعر كأنك تعرف المكان، وتبدو لك عمارته مألوفة، وتحب فضاءات الرواية المتعددة، المتجاورة، المغلقة غالبا، التي تحيط بالشخصيات إحاطة السوار بالمعصم، فنرى دواخلهم.. نرى هشاشة الفرد، وتلفه المنتظم، ومأساة وجوده، من خلال تجارب متعددة، تتبدى من خلال الفصول، في انطوائيتها وطبائعها الحميمية العميقة..
رواية "آخذك وأحملك بعيداً" هى لوحات حية من فيلم واقعي فيه القلق والتمرد والغضب والخروج على المألوف، وفيه الاستخدام المميز للصورة، والشغف بتصوير الأجيال الجديدة من الشباب، ومحاولة فهمهم، دون فرض أي نوع من الوصاية عليهم، رواية لا تشبه في شيء ما اعتدنا على قراءته من الأدب الأوروبي ذي النزعة المنفتحة، الفردية، المدنية، الباردة، المحايدة، رواية يمكننا ببساطة أن نسميها على رأي الكاتب "إدواردو سانغوينيتي" بأنها ذات طابع انطوائي، يعكس حركة تطور نحو الداخل. الداخل الذي ظل لعصور مجهولا ومغيبا هو قماشة السارد العظيم هنا، وهي قماشة فاخرة متنوعة من جميع الأعمار ومن كل الفئات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق